أخبار مهمةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

خطبة الجمعة القادمة : الحلال بيِّنٌ والحرام بيِّنٌ ، للدكتور محمد حرز

خطبة الجمعة القادمة بعنوان : الحلال بيِّنٌ والحرام بيِّنٌ ، للدكتور محمد حرز، بتاريخ 13 شعبان 1442هـ ، الموافق 26 مارس 2021م.

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 26 مارس 2021م بصيغة word : الحلال بيِّنٌ والحرام بيِّنٌ ، للدكتور محمد حرز.

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 26 مارس 2021م بصيغة pdf : الحلال بيِّنٌ والحرام بيِّنٌ، للدكتور محمد حرز.

 

عناصر خطبة الجمعة القادمة 26 مارس 2021م بعنوان : الحلال بيِّنٌ والحرام بيِّنٌ ، للدكتور محمد حرز:

 

أولاً    :تحري الحلال واجب

ثانيـــًـا: أكل الحرام داء خطير .

ثالثـــًـا : من صور الحرام: التحليل والتحريم بغير علم.       

رابعًا: أين نحن من هؤلاء ؟

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 26 مارس 2021م كما يلي:

 

خطبة الجمعة القادمة : الحلال بيِّنٌ والحرام بيِّنٌ 

 

الحمد لله القائل في محكم التنزيل﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُون. ﴾(الأنبياء: 43) وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّه, وَأشهد أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ القائلُ( إن الله يغار، وإن المؤمن يغار، وغيرة الله أن يأتي العبد ما حرم عليه” متفق عليه.,فاللهم صل وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرًا إلي يوم الدين .

أما بعد: فأوصيكم ونفسي بتقوى الله  { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } [سورة  أل عمران (102)   ثم أما بعد:

(الْحَلَالُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ) عنوان وزارتنا وعنوان خطبتنا .

عناصر خطبة الجمعة

أولاً    :تحري الحلال واجب

ثانيـــًـا: أكل الحرام داء خطير .

ثالثـــًـا : من صور الحرام: التحليل والتحريم بغير علم.       

رابعًا: أين نحن من هؤلاء ؟

        أيها السادة : بداية ما أحوجنا إلي أن يكون حديثنا عن  تحري الحلال في المأكلِ والمشربِ وكل ما يخص المسلمُ في حياته ,  وعن أكل الحرام, وعن خطورة أكل الحرام وأكلِ أموال الناس بالباطل ,وعن قضية التحليل والتحريم بغير علم , وخاصة ونحن نعيش زمانًا انتشر فيه أكلُ الحرامِ بصورة مخزية يملأُ الرجلُ بطنه من الحرام ,بل ربما ربى الرجلُ أولاده من الحرام, ولا يفكر في الموت وشدته, ولا في القبر وضمته، ولا في القبر ووحشته ,ولا في الحساب ودقته, ولا في الصراط وحدته ,ولا في النار، ولا في الأهوال والأغلال، ولا حول ولا قوة إلا بالله .

بل ربما دفعت المرأةُ زوجَها إلي أكل الحرام بأن  تكلفه بما لا يُطيق, فيضطر الزوجُ إلي أخذ الرشوة ، وأكل الحرام،  وأخذ القروض الربوية، ولا حول ولا قوة إلا بالله.  ورحم اللهُ نساءَ المؤمناتِ الأوائل كانت المرأة تقف لزوجها علي عتبة البابِ وتقول له يا فلان اتق الله فينا ولا تُطعمنا من حرام؛ فإننا نصبر علي الجوع في الدنيا ولا نصبر علي النار في الآخرة .

 وبخاصة وأن أكلَ الحرامِ قد انتشر، وتنوعت صوره وألوانه، وهذا إن دل فإنما يدل علي ضعف الإيمان ،وعدم الثقة في الله ،وغياب الضمير  ولا حول ولا قوة إلا بالله وصدق النبي صلي الله عليه وسلم إذ يقول كما في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:( يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لَا يُبَالِي الْمَرْءُ مَا أَخَذَ مِنْهُ أَمِنَ الْحَلَالِ أَمْ مِنْ الْحَرَامِ) رواه البخاري.

أولاً :تحري الحلال واجب

ايها السادة: الحلالُ ما أحله الله ورسوله ,والحرامُ ما حرمه الله وسوله , الحلالُ ما شرعه الله ورسوله ،والحرامُ ما نهى وزجر عنه الله ورسوله , والواجبُ على المسلم تحري الحلالَ في مأكله ومشربه، وفي جميع متطلبات حياته؛ ليسعد في الدنيا والآخرة .

ولقد جاءت  النصوص من القرآن والسنة تحث على أكل الحلال الطيب؛ فقال تعالى: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلالا طَيِّبًا وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ }(البقرة: 168)وقال تعالى: ( فَكُلُواْ مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلاَلاً طَيِّبًا وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) (الأنفال: 69). وقال تعالى  : {فَكُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ حَلالاً طَيِّبًا وَاشْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} (النحل: 114) .

والحلال بين وواضح للناس ,والحرام بين وواضح للناس كما في الصحيحين من حديث  النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ـ  يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (الْحَلَالُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا مُشَبَّهَاتٌ لَا يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ فَمَنْ اتَّقَى الْمُشَبَّهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ كَرَاعٍ يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يُوَاقِعَهُ، أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى أَلَا إِنَّ حِمَى اللَّهِ فِي أَرْضِهِ مَحَارِمُهُ أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ) متفق عليه ,فالمؤمن التقي الحق هو الذي  يبحث عن الحلال ,ويبتعد عن الحرام,  ويتورع عن المتشابه .

والله جل وعلا طيب لا يقبل إلا طيبا فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ فَقَالَ{ يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ }وَقَالَ { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ } ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ يَا رَبِّ يَا رَبِّ وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ رواه مسلم

وقال سفيان الثوري: من أنفق الحرام في الطاعة كمن طهر الثوب بالبول, والثوب لا يطهره إلا الماء، والذنب لا يكفره إلا الحلال.

وطلب الحلال وتحريه أمر واجب على كل مسلم موحد بالله ، فلن تزولا قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه؟!فعن أبي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم  : ” لا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعٍ: عَنْ عُمْرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ، وَعَنْ جَسَدِهِ فِيمَا أَبْلاهُ، وَعَنْ مَالِهِ فِيمَا أَنْفَقَهُ وَمِنْ أَيْنَ كَسَبَهُ، وَعَنْ عَلِمهِ مَاذَا عَمِلَ فِيهِ؟” فانتبه فالمال ستسأل عنه سؤالين يوم القيامة يوم الحسة والندامة يوم تقف بين يدي الله حافيا عاريا لا حول لك ولا قوة من أين اكتسبته ؟وفيما أنفقته ؟

ثانيًا: أكل الحرام داء خطير .

أيها السادة :أكل الحرام مرض سرطاني خطير مدمر قلما يعافي منه إنسان إلا ما رحم رب الأرض والسماء ,وأكل الحرام يعمي البصيرة ,ويضعف البدن, ويوهن الدين ,ويظلم القلب ,ويقيد الجوارح عن طاعة الله

أكل الحرام سبب من أسباب عدم قبول الطاعة لماذا ؟ لأن الله تبارك وتعالي لا يقبل الأعمال إلا من المتقين قال ربنا: (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ  } (سورة  المائدة  :27) لذا قال ابن عباس ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ـ : ” لا يقبل الله صلاة امرئ وفي جوفه حرام حتى يتوب إلى الله تعالى منه “

لذا حذر النبي أشد التحذير وبالغ أشد المبالغة في أكل الحرام فهو طريق من طرق الشيطان قال ربنا: ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ  } [سورة  البقرة  (168)

لذا قَالَ ابْنُ أَسْبَاطٍ : إذَا تَعَبَّدَ الشَّابُّ قَالَ الشَّيْطَانُ لِأَعْوَانِهِ : اُنْظُرُوا مِنْ أَيْنَ مَطْعَمُهُ ، فَإِنْ كَانَ مَطْعَمُهُ مَطْعَمَ سُوءٍ يَقُولُ : دَعُوهُ يَتْعَبُ وَيَجْتَهِدُ فَقَدْ كَفَاكُمْ نَفْسَهُ أيْ لِأَنَّ اجْتِهَادَهُ مَعَ أَكْلِهِ الْحَرَامَ لَا يَنْفَعُهُ وعمله هباءََ منثورًا .

لذا كان عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : كُنَّا نَدَعُ تِسْعَةَ أَعْشَارِ الْحَلَالِ مَخَافَةً مِنْ الْوُقُوعِ فِي الْحَرَامِ.

بل أكل الحرام سبب من أسباب عدم قبول الدعاء ندعو  الله ليلَ نهارَ، ولا يستجاب الله منا لماذا ؟لأن البطون امتلأت بالحرام لماذا ؟لأن البطون غذيت بالحرام, فكيف يستجاب الله منا الدعاء . لذا قال النبي المختار  كما في حديث أبي هريرة قَالَ :  قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:” أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ فَقَالَ: { يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ } وَقَالَ{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ } ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ يَا رَبِّ يَا رَبِّ وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ رواه مسلم 

بل أكل الحرام سبب من أسباب دخول النار يا رب سلم!!

 فعن جابر بن عبد الله ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ـ أن النبي  قال: يَا كَعْبُ بْنَ عُجْرَةَ : إِنَّهُ لاَ يَدْخُلِ الْجَنَّةَ لَحْمٌ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ

بل أكل الحرام سبب من أسباب قعود الأعضاء عن الطاعة فالأعضاء لو غذيت علي الحرام تمردت علي طاعة الله، رأي إبراهيم بن آدهم رجلا يقوم إلي الصلاة بثقل فنظر فإذا عدم صفاء مأكله، ولو أنه أكل حلال ما قام بثقل

قال سهل رضي الله عنه: من أكل الحرام عصت جوارحه شاء أم أبى، علم أو لم يعلم. ومن كانت طعمته حلالاً أطاعته جوارحه ووفقت للخيرات.

بل أكل الحرام سبب من أسباب سوء الخاتمة. يا رب ارزقنا حُسن الخاتمة

فانتبه يا من تأكل الحرام, يا من تأكل الربا, يا من تأكل الرشوة, أنت علي خطر عظيم , أنت علي طريق الهلاك في الدنيا والآخرة لماذا؟ لأن من عاش علي شيء مات عليه, ومن مات علي شيء بُعث عليه ,والموت آت لا محالة ,وصدق النبي المختار r  إذ يقول كما في صحيح مسلم من حديث جَابِرٍ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:” يُبْعَثُ كُلُّ عَبْدٍ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ رواه مسلم

فمن عاش علي السرقة مات علي السرقة ولا حول ولا قوة إلا بالله فانتبه يا من تعيش علي الحرام, يا من تعيش علي الرشوة ,يا من تعيش علي الربا ,أنت علي خطر عظيم، أنت علي طريق الهلاك في الدنيا والآخرة ،واعلم أن المال الحرام يذهب المال الحلال، ويبقي الوزر، ولله در القائل 

جمع الحرام علي الحلال ليكثره       ***    دخل الحرام علي الحلال فبعثره

       أيها السادة : هناك صور كثيرة انتشرت في مجتمعات المسلمين بصفة عامة ,وفي بلدنا بصفة خاصة، وهي من صور أكل الحرام منها علي سبيل المثال لا علي سبيل الحصر ,فلا يتسع الوقت لذكرها لكن أردت التعريج على بعضها لخطرها ولكثرة انتشارها :

منها: أكل أموال الناس بالباطل: سواء بالنصب أم بالحيل المحرمة أم بالربا ؛ أو عن طريق القضاء العرفي  بشهادة زور أو ما شابه ذلك !! قال تعالى:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ } (النساء: 29) . وقال:{ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (البقرة: 188).

ومنها: الغش في البيع والشراء والمعاملات فالدين النصيحة والنصيحة في الدين أغلي من كل كسب، قال النبي المختار عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ  أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:” الدِّينُ النَّصِيحَةُ قُلْنَا لِمَنْ قَالَ لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ رواه مسلم  ,فلقد مر النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى صُبْرَةِ طَعَامٍ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهَا فَنَالَتْ أَصَابِعُهُ بَلَلًا فَقَالَ: مَا هَذَا يَا صَاحِبَ الطَّعَامِ؟ قَالَ : أَصَابَتْهُ السَّمَاءُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: أَفَلَا جَعَلْتَهُ فَوْقَ الطَّعَامِ كَيْ يَرَاهُ النَّاسُ مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّيرواه مسلم 

ومن ذلك الاتجار في المحرمات، كالمخدرات، والسلع المغشوشة، والتعاملات الربوية وغيرها. يقول الله تعالى: ﴿ وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ﴾ (البقرة: 275(

بل من صور أكل الحرام: هدايا العمال؛  لحديث النبي المختار  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: هَدَايَا الْعُمَّالِ غُلُولٌ” رواه أحمد في مسنده ,فهناك الكثير من الموظفين لا يقضون حوائج الناس إلا ما رحم الله إلا بعد أن يأخذ أجرًا  ,ويطلقون عليه أسماءَ خداعة كالتدخين أو هدية أو بقشيش وكل هذه مسميات تصب في إناء واحد ,وهو أكل أموال الناس بالباطل والله قال في كتابه: ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا) (سورة  النساء: 29 )

فهدايا العمال: سحت، ومن باب الرشوة لحديث ثَوْبَانَ ـ رضي الله عنه ـ قال:  لَعَنَ رَسُولُ اللهِ الرَّاشِيَ ، وَالْمُرْتَشِيَ ، وَالرَّائِشَ. يَعْنِي الَّذِي يَمْشِي بَيْنَهُمَا

وعن عبد الله بن عمرو ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ـ قال : قال رسول الله e  : «الراشي والمرتشي في النار

ومن صور الحرام : التعدي على الممتلكات العامة واستغلالها في المصالح الشخصية كمن يستغل سيارة الشغل في أغراضه الشخصية أو فلوس التحصيل في تجارته الخاصة وغير ذلك كثير ولا حول ولا قوة إلا بالله                                                                                            

  بل من صور أكل الحرام : أن تربي أولادك علي مال اليتامى وعلي حقوق البنات فهذه  من أبشع صور الحرام أكل الحقوق قال ربنا 🙁 إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا ) (سورة  النساء : 10 )  بل قال السدي رحمه الله تعالى: يحشر آكل مال اليتيم ظلمًا يوم القيامة ولهب النار يخرج من فيه ومن مسامعه وأنفه وعينه كل من رآه يعرفه أنه آكل مال اليتيم , وأكل المواريث قال ربنا : (وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلا لَمًّا )

بل من صور أكل الحرام أكل الديون والمماطلة في السداد ؛ لأنه لا يوجد عليك شيك علي بياض ,مسكين ابن آدم لو خاف الله, كما يخاف من الشيك علي بياض ما أكل حق إنسان وصدق نبينا إذ يقول كما في حديث  أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا أَدَّى اللَّهُ عَنْهُ وَمَنْ أَخَذَ يُرِيدُ إِتْلَافَهَا أَتْلَفَهُ اللهُ ولا حول ولا قوة إلا بالله .

ثالثًا : من صور الحرام: التحليل والتحريم بغير علم.       

أيها السادة : من الأمور التي انتشرت في مجتمعاتنا خاصة بعد انتشار مواقع التواصل الاجتماعي التي جعلت الصالح والطالح والعالم والجاهل والعاقل والسفيه , والكل له قناة وموقع خاص جعلت الكل يتحدث ويتكلم  في قضية التحليل والتحريم بغير علم ,فالعلماء طريقهم السعة والتيسير على الناس من باب أن الأصل في الأشياء الحِلُّ والإباحة ، والتحريم لا يثبت إلا بدليل ، في حين أن الجهلاء يجعلون من التحريم أصلاً ثابتًا لديهم ، وكأن الحِلَّ هو الذي يحتاج إلى دليل ، فيضيقون على الناس سبل حياتهم.فالتحليل والتحريم بغير علم منكر عظيم، وخطر جسيم وهو مما حرمه الله على عباده، وجعل مرتبته فوق الشرك، قال جل وعلا: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) (الأعراف:33) ، فيجب على المؤمن أن يتقي الله وأن يخاف من الله سبحانه، وألا يتكلم في الحلال والحرام إلا بعلم ودراية ومعرفة تامة قال الله تعالى: ( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ)(يوسف:108)  يعني: على علم.

ومما يدل على خطر التحليل والتحريم بغير علم أنه من كبائر الإثم قول الله تعالى : ( وَلاَ تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُوا عَلَى اللهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) (النحل:116-117).
بل التحليل والتحريم بغير علم إغواء للناس وإضلالهم .فعن عبد الله بن عمرو بن العاص ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إِنَّ اللَّهَ لاَ يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا ، يَنْتَزِعُهُ مِنَ الْعِبَادِ ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ ، حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رؤوسا جُهَّالاً فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا ) متفق عليه

وقال ابن مسعود رضى الله عنه وأرضاه : ( من كان عنده علم فليقل به ، ومن لم يكن عنده علم فليقل : الله أعلم ، فإن الله قال لنبيه: ( قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ)

فالتحليل والتحريم يكون من أهل الذكر يعني: من أهل العلم بالقرآن العظيم والسنة المطهرة، العلماء بكتاب الله، وسنة رسوله ﷺ، وهم الذين يفتون الناس وهم الذين يسألون قال الله جل وعلا (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ((النحل:43 )

وقال عمر بن عبد العزيز: مَن قال: لا أدري فقد أحرز نصفَ العلم.

وقال الإمام مالك رحمه الله  : من فقه العالم أن يقول لا أعلم. وقال الهيثم بن جميل: شهدت مالك بن أنس سُئل عن ثمان وأربعين مسألة، فقال في اثنتين وثلاثين منها لا أدري، وسئل الإمام مالك مرة عن مسألة فقال: لا أدري فقيل له: إنها مسألة خفيفة سهلة، فغضب وقال: ليس في العلم شيء خفيف، أما سمعت قوله جل ثناؤه: إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلا ثَقِيلاً

فانتبه ) فأجرؤكم على الفتيا أجرؤكم على النار (كما قال بنينا صلى الله عليه وسلم .

لكن أين نحن من هؤلاء …….هذا ما أتحدث عنه بعد جلسة الاستراحة

أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم لي ولكم

الخطبة الثانية:

   الحمد لله ولا حمد إلا له وبسم الله ولا يستعان إلا به وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَه وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ  ………….وبعد

رابعًـا : أين نحن من هؤلاء ؟ 

        أيها السادة : تعالوا بنا لنتعرف في عجالة سريعة علي أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم كيف كانوا أبعد الناس عن الحرام؟

        ولِمَ لا ولنا في رسول الله الأسوة الحسنة ,والمثل الأعلى بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم ,كان يومًا كثير التقلب في الفراش بجوار السيدة عائشة ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ـ   وعن أبيها, فقالت يا رسول الله ما لي أراك كثير التقلب في الفراش,  فقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يا عائشة أكلت تمرة ,وأخشى أن تكون من تمر الصدقة.  يا رب سلم

   انتبه لم تكن من حرام لكن الله حرم علي النبي صلى الله عليه وسلم أن يأكل من الصدقات فما بالكم  وقد امتلأت البطون من الحرام  ومن أكل حقوق البنات ومن أكل حقوق الإخوة والأخوات؟ ولا حول ولا قوة إلا بالله

بل هذا هو الصديق الأكبر أكل يومًا أو شرب من كسب غلامه, ثم سأله عنه فقال: رقيت لقوم فأعطوني، وفي لفظ آخر: تكهنت لهم فأدخل يده في فيه وجعل يقيء حتى استقاءَه عن آخر لقمة ثم قال: اللّهم إني أعتذر إليك مما حملت العروق وخالط الأمعاء.

بل انظروا إلي فاروق الأمة وعملاق الإسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه شرب من لبن إبل الصدقة غلطًا، فأدخل إصبعه وتقيأ.  

 بل خرج يومًا إلى السوق في جولةٍ تفتيشية فيرى إبلاً سمينةً تمتاز عن بقية الإبل بنموِّها وامتلائها ، يسأل عمر بن الخطاب : ( إبل مَن هذه ؟ فقالوا : هي أبل عبد الله بن عمر ابنك ، وقال : عبد الله بن عمر !! بخٍ بخٍ يا ابن أمير المؤمنين ” ، وأرسل في طلبه فورًا، وأقبل عبد الله يسعى ، فقال : ”  بخٍ بخٍ يا ابن أمير المؤمنين ، ما هذه الإبل يا عبد الله ؟ ” فأجاب : ” إنها إبلٌ أمضاء ( يعني هزيلة ) اشتريتها بمالي ، وبعثت بها إلى الحِمى ( أي إلى المرعى ) أُتاجر فيها ، ، فقال عمر متهكمًا تهكُمًا لاذعًا : ” ويقول الناس حين يرونها : ارعَوْا إبل ابن أمير المؤمنين ، اسقُوا إبل ابن أمير المؤمنين ، وتسمن إبل ابن أمير المؤمنين ، فبع هذه الإبل ، وخذ رأس مالك منها ، واجعل الربح في بيت مال المسلمين) .

فمن يباري أبا حفص وسيرته     ***   أو من يريد للفاروق تشبيها

يوم أن اشتهت زوجته الحلوى فقال لها     ***    من أين لي ثمن الحلوى فأشريها

ما زاد عن قوتنا فالمسلمون به        ***     أولي فقومي لبيت المال رديها .

كذلك أخلاقه كانت وما عهد      ***       بعد النبوة أخلاق تضاهيها

وروى عن مالك بن أنس أنّ رجلاً سأله عن مسألة فقال: «لا أدري» فقال: سافرت البلدان إليك، فقال: ارجع إلى بلدك وقل: سألت مالكًا فقال: «لا أدري»

أخي إن أردت النجاة فعليك بتحري الحلال والبعد عن  الحرام  لتسعد في دنياك وأُخراك

فيا من كلما طال عمره زاد ذنبه يا من كلما أبيض شعره أسود بالآثام قلبه

شيخ كبير له ذنوب  ***     تعجز عن حملها الجبال

قد بيضت شعره الليالي ***   وسودت قلبه الخطايا

فتب إلي ربك يا من أكلت الحرام وأعلم أن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم فالحلال بين والحرام بين .

                                                            كتبه العبد الفقير إلى عفو ربه

                                              د/ محمد حرز   إمام بوزارة الأوقاف

_____________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

 

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »